و أكّد سياسيون و محللون تونسيون، أنّ إغراق الانتخابات الرئاسية بالمترشحين يعود أساسا الى مسؤولية حركة النهضة التي قدمت تزكيات لعدد كبير من المترشحين، و عملت على تشتيت المشهد السياسي و إرباك المسار الانتخابي خدمة لأجندات خارجية.
وأشار المحلل السياسي التونسي، خليل إلى أنّه من الأسباب التي تسببت في توتير المناخ السياسي، هي ما تعرف بـ "الديمقراطية الإيهاميّة" التي أفرزت أزمة تعبير رغم وجود هيئات رقابية، مشيرا إلى أنه كل من ينتقد المنظومة الحاكمة يجد نفسه تحت المجهر ويواجه قضايا عدلية. ولفت المتحدّث أن تونس اليوم تستعدّ لتنظيم الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، وسط تواجد أحد المترشحين في السجن، مشيرا في ذات السياق إلى سعي السلطة الحاكمة في البلاد السيطرة على وسائل الإعلام. وأكد رقيق أنه يأمل أن يفرز الاستحقاق الانتخابي للعام 2019 مشهد متوازن ويفرز مراجعة جذرية للنظام الانتخابي والنظام السياسي في البلاد.
من جهة أخرى، عبر الحاضرون في الندوة عن قلقهم من المال السياسي المتدفق من دولة قطر، مؤكدين أن عدد من المترشحين المنتمين لحركة النهضة على غرار حاتم بولبيار تتعلق بهم شبهات فساد.
من جهة أخرى، بيّن رئيس الحزب الاشتراكي محمد الكيلاني أن ما أسماه بـ "النظام المفيوزي" أمسك جميع الحلقات لتركيع الشعب التونسي أولا من خلال تجويعه ثم باللجوء إلى استعمال القوة ضده.
وأشار الكيلاني الى أن النظام الانتخابي في تونس رديء ويجب مراجعته بشكل فوري، مشددا في ذات السياق على ضرورة إدراج "سحب الثقة" وإعلاء صلاحيات المنتخب (رئيس الجمهوريّة) بدل من إعطائها إلى المعيّن (رئيس الحكومة).
ومن جهته أقرّ الكاتب السياسي سفيان بن فرحات بأنّه من حقّ كلّ التونسيين الترشّح للإنتخابات ولكن يبقى عدد المرشحين المقبولين ضخم وتبقى مسؤولية الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات جسيمة بما أنّها تسمح لكلّ من هبّ ودبّ بتقديم الترشّح. فمن جملة الـ26 مرشح لا يوجد سوى ثلاث أو أربعة "متسيّسيين" والقادرين على إدارة الشأن العام.
كما لفت المتحدّث إنتباه الحضور حول تقسيم جديد للمترشحين إلى قسمين، الأوّل "أبناء" المنظومة والتي تظمّ في نفس الوقت أسامي المحسوبين على السلطة في شقّها الموالي والمعارض على غرار يوسف الشاهد أو حمّة الهمامي والثاني من يعتبرون ضدّ المنظومة القائمة يترشحون لأسباب شخصيّة أو تحت رعاية أجندات خفيّة ولهم حظوظ وفيرة سواء في الدورة الأولى أو الثانية.
وتوقّف سفيان بن فرحات على المثال اللانمطي للمترشّح نبيل القروي، حيث أقرّ المحللّ أنّ هذا الأخير حلّ وقدّم المساعدات في مناطق غابت فيها الدولة بل وتخلّت عن دورها في وقت قام هو بدور اجتماعي ملحوظ وعليه كسب نوع من تعاطف الأهالي المهمّشين سواء إنتخبوه لاحقا أم لا، واستشهد المتحدّث بمقولة أنّ الطبيعة تأبى الفراغ.
كما بيّن بن فرحات أنّ المشهد السياسي التونسي يتفرّع إلى أربعة عائلات كبرى، الدستوريّة الكلاسيكيّة والإسلاميّة والتي قدّمت سبعة مرشّحين للرئاسة والليبيراليّة المتوحشة واليساريّة غير أنّ هذه الأخيرة وحسب رؤية المتحدّث إنقسمت وإندثرت تماما وتلاشت كلّ حظوظها الانتخابيّة.
من جهته كشف محمد الكيلاني، رئيس الحزب الاشتراكي اليساري التونسي، أنّ هناك تداخل واضح بين السياسية ورأس المال الفاسد، مؤكدا إلى أن السيناريو الإيطالي يحدث حاليا في تونس. وأكد الكيلاني، أن الأحزاب السياسية الكبرى تتلقى تمويلات من المافيات والمهربين والأشخاص الخارجين عن القانون، وهو ما يجعلها مطالبة بخدمة مصالحهم ومراعاتها في حال فوزها في الاستحقاق الانتخابي.